الأنثى عبارة عن قطارة ذات أحاسيس مرهفة وتحتاج لرجل صاحب الدوق الرفيع كي يجيد العزف على هذه الأوتار، كما أن الرجل ذاك الطفل البريء الشفاف داخل جسد كبير لكنه يحتاج تلك الأنثى ذات العطاء، والحب والحنان، والأهم الرعاية والأولوية، فكما سبق وتطرقنا في مواضيع سابقة أن داخل كل رجل طفل صغير يحتاج الرعاية والأولوية، ومن هنا تبدأ قصة الحياة، حياة كل من أراد بناء عش متين ذا أساس قوي لا يمكن أن يهتز تحت زلزال، أو تحركه أي ريح ولو نسيم عابر، فالأنثى وأقصد تلك الذي ترعرعت في كنف أسرة تعرف جيدا معنى القيم وتجيد مفهوم الرجل. الرجل ذاك الجدار القوي الذي يؤمن لأسرته الحماية والدفء الأسري ويستطيع فرض رأيه وتحكم في زمام أمور بيته ومن هنا تكبر الأنثى على هذه القيم احترام الرجل وتقديمه في أشياء كثيرة واستشارته في الصغيرة قبل الكبير ويكبر الحلم داخلها لتحلم بذاك الشاب الذي ستتقاسم معه بقيمة العمر ويلعب القدر لعبته السحرية وتصادف فتى الأحلام وتبدأ قصتهم بانجذاب بالأشياء المشتركة بينهم ومن هنا يولد الحب والخوف عن الحبيب ويصبح الشاب هو ذاك الطفل الذي ولده القدر لتلك الفتاة قبل الزواج تحاول قدر المستطاع المحافظ على إحساسه وعدم خدش شعوره، ويكمل الحلم وبالرباط الأبدي والمقدس في كل شيء، فإذا استطاع الرجل كتابة سنفونية هذه الفتاة برقة ونعومة وأكيد أنه استطاع بعد أن قرر الإرتباط بها، سيعزف في أرجاء البيت لحن الحب والتفاهم والمشمولين بالدفء والحنان وسيكون هذا الرجل هو أول مولود رزقت به هذه امرأة ولابد أن توفر له كل الرعاية بكل ما تحمله الكلمة من المعنى فالأكل في الأسواق يباع، والجمال على الأرصفة يرمى كالقمامة والأزبال، والتنظيف له أصحاب مختصين فيه، لكن ما هو دفين يجمع فقط بين القلبين من ود وطيب المعاشرة وحلوة الكلام وفن التعبير والتقدير، ورسم مملكة الخلود النورسية، فامرأة الحنكة تجيد تسير مملكتها بكل رزانة فعند بزوغ كل صباح لابد من ملطفة شرك عمرها ليس عيب إن داعبته وبالإشراقة والإبتسامة فتحت ستار عيناه صباحا، وبكلام معسول وشعر موزون تبدأ كلام اليوم، ليس عيب إن ساعدته في حمامه، وهيئة ملابسه واخترت ألوان التي تناسبه وتجعله ذا وقار بين الناس، وعلى مائدة الفطور تهيئ المعنوي قبل طعام البطون فما أحوج الرجل لكوب حنان دافئ ورغيف محبة مدهون بالمودة على طبق التقدير والإحترام، يتغذى الإحساس ويقوى الشعور، وبعد بكلتا اليدين ليس عيب إن أطعمت البطون، وعلى عتبة الباب قبل التوجه إلى عمله ليس عيب إن ودعته بحنان متمنية له اليوم السعيد والعودة المحمودة، وحين تبقى وحدها وإن صح التعبير تبقى مع طيف شرك عمرها تشرع في تنظيف بيتها بأسلوب يبعث الراحة والسكينة والهدوء التام بعد عودت رب البيت، وقبل موعد وصوله بنصف ساعة ومن الضروري والمحتم أن تقصد الحمام وتطرد رائحة الطعام من بصل وتوم ووسخ التنظيف، وأزهى الثياب ترتدي وأزكى العطور تتطيب وخلف عتبة الباب تنتظره بلهفة وشوق ومجرد أن يفتح الباب تأخذه في أحضانه محاولة التقاط عناء ما ارتمي على كاهنه وهو في غيابها، وبالتحية تفتح باب الكلام، والسؤال عن الأحوال وكيف مر يومه بكل تريث وتمعن، وليس عيب إن ساعدته في إزالة معطفه، وما أحوجه إن لدعك كتفيه، والجلوس فسيفساء وجلب إناء فيه ماء دافئ وملح ناعم وتباشر في دعك قدميه برفق محاولة إزالة عناء حدائه طول وقت العمل، ومرت أخرى تغدي فكره وشعوره بنقاش ومحاورة، ودائما بإحساسه أنها كظله ويمكن الإعتماد عليها، في الصغيرة والكبيرة وحين يسدر الليل ستاره تكون فراشه الوثير والناعم وقلب دافئ ومليء بكل ما يبعث في الحياة استمرارية، وكل يوم بأسلوب جديد وفريد مخالف لما سبقه حتى يتجنبا الروتين والرتبة، وحين يرزقهم الله سبحانه بالذرية الصالحة والسليمة دائما يبقى الإبن البكري في المقدمة وفي الأولوية فلا ولوه ما جاء الطفل الثاني، وبمقدم هذا الأخير تقوى الحب أكثر فأكثر لطفل البكري، ومع مقدم كل ثمرة حب يزداد الحب اكتر فأكثر للإبن البكري دون شعور، إن كان العازف يجيد العزف على أوتار قطارته، وبالتالي تكون تلك القطارة ذات الألحان البلسمية التي تتشكل حسب الظروف، من لحن خلاب، إلى حديقة ذات عطور زكية تشكل وتتلون حتى تستطيع إرضاء شريك الحياة دون تقصير، لا في الإبن البكري، أو أطفالها الصغار، فزوجتك سيدي لا أدري إن كانت تعرف هذه الحقيقة أن داخل كل رجل طفل صغير يحتاج الحنان والرعاية، ولا أدري هل تعرف سيدي أن امرأة هي تلك القطارة التي تتطلب عازفا ماهرا كي يكتب على أوتارها أحلى الألحان، فإن افتقرتم لهذان ركزتين أكيد سيكون هناك فراغ بينكما وربما لم يكن هناك حب كافي أو أرضية لكي ينموا فيها هذا الحب ولو أنك ذكرت أن المدة ليست بالقصيرة فهي تفوق العشرة سنوات كفيلة أن تولد أكثر من الحب بين الطرفين، وخصوصا أن زواجكما توج بثلاث ثمار هدية من الله سبحانه كي توثق مسيرة حياتكم، من خلال موضوعك هذا فيطهر جليا أنك تحبها كثيرا وكذلك تقدرها وخير دليل قولك (أني أحمل لها من الحب ما لا يسمح لي بخيانتها) كان بإمكانك البحث عما ينقصك في مكان أخر وتعود إلى بيتك في أحسن حال، لكن احترامك لنفسك جعلك في غنى عن أي مراهقة متأخرة لهذا سيدي أنصحك بأمرين لا ثالث لهم أولا أن تجالس نفسك قليل قبل أن تجالس زوجتك وترجع على الجانب العلمي فامرأة مع تقدم السن تقل خصوبتها ويدق بابها سن ليئس الذي يشعرها أنها في أخر أيام حياتها وأنها لم تعد صالحة لشيء سوى أن تكون عبارة عن خادمة للأبنائها فحسب وهذا الإحساس يتلف أعصابها ويجعلها دائما في مجاز جد سيء لا تطيق حتى نفسها وهنا سيدي جاء دورك لكي تقوم بالدور الذي قامت به شريكة عمرك بعد زوجكما أن تتحول أنت ذاك الصديق المخلص الذي تلجأ إليه في ضيق من نفسها وتفرغ له كل ما في جعبتها، وذاك الرفيق الذي تحتاج إلى نصحه ومآزرتها، والأهم ذاك الأب الحنون الذي تحتاج إلى الارتماء بين أحضانه نسيتا العالم وما فيه جاء دورك لكي تكون الأب، وتكون هي تلك الإبنة الصغيرة التي تحتاج رعاية وأولوية، فالحياة أخد وعطاء ودائرة مغلقة يوم لك ويوم عليك، فلمآزرت في مثل هذه الأمور الجد الحساسة تشعر امرأة أنها لزالت مرغب فيها وأن قطار حياتها الم تنتهي قطبان مساره فمازالت طويلة طول حبهم، ربما سيدي لم تنتبه لهذه النقطة المحورية في حياة زوجتك، والمسالة الثانية حاول أن تشعل تلك الفتلة التي بدأت تنظفي بينكما، حاول أن تشعرها أنك تعرف غيرها حاول أن تضع تمثيلية لكي تنقط حياتك ولو اضطررت لوضع عطر النساء على معطفك أو أي شيء يشعرها أن هناك واحدة غيرها تقسمها في شرك عمرها ووالد بناتها تأكد أن غيرتها ستدفعها للحفاظ عليك بكل الطرق تحاول استعادتك بتغير نفسها ومحاولة الفت نظرك أنها موجودة، لأن شيء في هذا العالم يهزم امرأة سوى امرأة مثلها، حاول سيدي القارئ، فلا بأس من المحاولة وتأكد أن الحياة أخد وعطاء ومحافظة على أحاسيس وشعور وتضحية في كثير من الأمور. فالمرآة سنفونية، وورود ذهبية تتطلب الرعاية والتضحية حتى يظهر لحنها الخلاب ولمعانها الجذاب، فإن وجدت صانع بارع في فنون الحياة أعطت دون سخاء ولا كلل ومملا، وإن وجدت من يخدش الشعور ويعدم الأحاسيس ويدفنها في جوف القبور، ويهين الكرامة تتحول إلى غابة قاحلة ورودها منتحرة أرضها يابسة ونائية.
كلثـــوم - البيضــاء